أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

جـدول أعمـال المقاومـة لن يتأثـر بـ «مكبـرات الصـوت»

الجمعة 16 نيسان , 2010 07:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,023 زائر

جـدول أعمـال المقاومـة لن يتأثـر بـ «مكبـرات الصـوت»

على شاكلة خبريات محمد زهير الصديق وسيناريوهات القرار الظني التي تبدأ بالتكون في أعمدة بعض الصحف العربية والاجنبية ثم تتسرب الى السوق اللبنانية لتصبح وقائع تستخدم في التداول السياسي وتبنى عليها مواقف واتهامات...

هكذا تشكلت النواة الاولى لخبر تزويد سوريا حزب الله بصوايخ من نوع «سكود» في رحم مقالة لصحافي اسرائيلي من دون ان يكون مستندا الى أدلة، ثم حط الخبر - الشائعة في صحيفة خليجية أضافت اليه بعضا مما في جعبة مراسلها في واشنطن، قبل ان يرسو في صحيفة «وول ستريت جورنال» وغيرها...

وخلال تنقله بين صفحات الجرائد، وجد هذا الخبر «اللقيط» من يتبناه بسرعة في الكيان الاسرائيلي الذي سارع قادته، على مختلف مستوياتهم، الى استثماره وتسويقه في المجتمع الدولي عبر مكبرات الصوت الاعلامية والسياسية، تحت شعار ان اسرائيل تتعرض لخطر صاروخي جدي، مستفيدين بشكل خاص من خبرة «وكيل مبيعات» البضائع الاسرائيلية في الخارج شيمون بيريز الذي اعتاد ان يوظف علاقاته العامة وصورته المقبولة في الغرب من أجل استدرار العطف مع كيانه.

وبعد وقت قصير من الدخول الاسرائيلي على خط الخبر ومن ثم إعادة تصنيعه وانتاجه بما يتلاءم مع مواصفات المصلحة الاسرائيلية، لاقت الادارة الاميركية حليفتها الاستراتيجية في المنطقة، بل كادت تذهب ابعد مما وصل اليه العدو في ردود فعله الاولى، فخرج المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية لينبه الى ان لبنان سيكون في «خطر شديد» إذا صحت الاخبار عن نقل صواريخ سكود من سوريا الى حزب الله، فيما كانت وكيلة وزير الدفاع تقول صراحة امام مجلس الشيوخ ان المطلوب تقويض الحضور العسكري للحزب في الجنوب.

ولعل أغرب ما في حملة التهويل الاميركية - الاسرائيلية هذه انها زوبعة في فنجان «الشائعات»، باعتراف اصحاب الحملة انفسهم، إذ ان أيا من هؤلاء لم يجزم بصحة المعلومات المتداولة التي بقيت في إطار الفرضيات، وهو ما عبّر عنه أحد المسؤولين الأميركيين بقوله ان هناك مخاوف من ان تكون صفقة الاسلحة في طور البحث، معترفا بانه ليس واضحا إن كان قد تم نقل الصواريخ أم لا، كما ان المتحدث باسم وزارة الخارجية بنى كل منطق التحذير من «الخطر الشديد» على قاعدة الـ «إذا» الشرطية.

والخطير في الموقف الاميركي انه يمنح إسرائيل مسبقا التغطية والمشروعية لشن أي عدوان على لبنان، تحت ستار الضربة الوقائية او الاستباقية، وهي المدرسة التي أسسها الرئيس السابق جورج بوش بعد أحداث 11 ايلول، عدا عن كون هذا الموقف يشكل نوعا من الضغط على الحكومة اللبنانية بالتزامن مع تجدد الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية، في محاولة لتكييف هذا الحوار مع الاجندة الاقليمية للولايات المتحدة، التي يأتي في طليعتها نزع سلاح حزب الله، علما بأن بعض المسؤولين الذين زاروا واشنطن خلال الاشهر الماضية لاحظوا انها لم تعد تكتفي بالتركيز على وجوب الامتناع عن تزويد الحزب بالسلاح وحسب، بل هي ترى ان مبدأ امتلاكه للسلاح يمثل مشكلة بحد ذاتها تستوجب المعالجة.

واللافت للانتباه ان العاصفة المفتعلة هبت بموازاة تصديق لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي على قرار الرئيس باراك أوباما تعيين روبرت فورد سفيرا لواشنطن في دمشق، ما يدفع الى التساؤل عما إذا كانت تل ابيب المنزعجة بطبيعة الحال من أي تقارب اميركي - سوري قد تعمدت تضخيم مسألة صواريخ الـ «سكود» والكلام عن دور سوري في نقلها الى حزب الله، في هذا التوقيت بالذات، من أجل إبطاء إيقاع الانفتاح الاميركي على سوريا.

وفيما ترك «حزب الله» في الساعات الأولى، جريا على عادته في مثل هذه المناسبات، الاسرائيليين والاميركيين رهائن اجتهاداتهم من دون ان يفك أسرهم بـ «الخبر اليقين»، يلفت مقربون من دوائر القرار في الحزب الى ان مجرد تهديد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بقصف مطار بن غوريون إذا ضُرب مطار رفيق الحريري وبتدمير مبنى في تل أبيب مقابل أي مبنى يُدمر في الضاحية الجنوبية، إنما يعكس تطورا نوعيا في القدرات التسلحية لدى المقاومة، قياسا الى ما كانت عليه عام 2006، أما طبيعة هذا التطور وهل بلغ حد امتلاك صواريخ سكود او صواريخ مضادة للطائرات، فهذه من الأسرار المقفلة بإحكام التي لا يملك مفاتيح أقفالها إلا قلة قليلة في قيادة المقاومة.

وفي منطق معاكس كليا للطرح الاميركي، يرى المقربون من حزب الله ان عدم تعزيز القدرات الدفاعية للمقاومة هو الذي يضع لبنان في «خطر شديد»، في حين ان نموها المستمر هو الذي يجعل الحرب تبتعد أكثر فأكثر. ويعتقد هؤلاء ان الضغوط الاميركية - الاسرائيلية على سوريا والتهديدات الموجهة الى الحزب لن تغير شيئا في جدول اعمال تقوية المقاومة وتطوير إمكانياتها لمواجهة أي عدوان، ولا سيما ان هذا النمط من التهديدات اصبح مألوفا، وبالتالي فإن أحدا في دمشق وطهران والضاحية الجنوبية لا يقيم له وزنا.

وهناك من يلفت الانتباه الى انه من بين أهداف الصخب الاسرائيلي بخصوص صواريخ الـ «سكود» تحوير أنظار واشنطن ونقل اهتمامها من مستوى الاعتراض على عدم تجاوب تل أبيب مع متطلبات إعادة إطلاق عملية التسوية، الى مستوى تأكيد الحضانة الاميركية للأمن الاسرائيلي من خلال دفعه الى الواجهة والايحاء بأنه مستهدف. 

Script executed in 0.18238496780396