أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

إتلاف الحشيشة في يومه الأول: جريحان أمنيان... وخمسون دونماً

الثلاثاء 24 تموز , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,760 زائر

إتلاف الحشيشة في يومه الأول: جريحان أمنيان... وخمسون دونماً

لم تدم عملية إتلاف حشيشة الكيف في حقول بعلبك ـــ الهرمل سوى أربع ساعات فقط، كانت عبارة عن عمليات كرّ وفرّ، ورشقات نارية هنا وقذائف هاون هناك، وإحراق إطارات وإقفال طرق، لتنكفئ من بعدها القوة الأمنية وتعود أدراجها بجريحين من عناصرها، وإصابة ثلاث آليات عسكرية. الحذر الشديد الذي رافق تقدّم القوة الأمنية خلال انتشارها في السهل المترامي بين بلدتي العلاق وبوداي، لم يكن كافياً للحؤول دون تنفيذ التهديدات التي أطلقها مزارعو حشيشة الكيف على مدى الأيام الماضية، والتي حذّروا فيها من مغبة الشروع بعملية إتلاف نبتة الحشيشة.

 

القوة الأمنية المشاركة في عملية الإتلاف كانت عبارة عن مزيج من قطعات قوى الأمن الداخلي المختلفة، بإشراف من مكتب المخدرات المركزي ورئيسه العميد عادل مشموشي وبمؤازرة من الجيش اللبناني. وكانت قد بدأت عملها في أحد الحقول الصغيرة في سهل العلاق، لا تتجاوز مساحته خمسة دونمات. لكن سريعاً ما سُمعت رشقات نارية متقطعة من أسلحة خفيفة ومتوسطة، مصدرها بلدة بوداي، ما أدى إلى إصابة آليتين عسكريتين.

مواجهة مزارعي الحشيشة مع القوة الأمنية لم تقتصر على إطلاق النار من الأسلحة الحربية، بل لجأ المزارعون إلى إغراق حقول القنب الهندي بالمياه، الأمر الذي لا يسمح للجرارات الزراعية والجرافات بالدخول إليها. وبالفعل، هذا ما حصل في سهل العلاق ـــــ بوداي، ما استدعى التراجع عن إتلافها ريثما تجف من المياه. ليس هذا فحسب، فقرابة الساعة التاسعة والنصف صباحاً، مع اقتراب القوة الأمنية من أحد حقول الحشيشة في بلدة بوداي، سقطت أربع قذائف هاون في الحقول المجاورة لتلك التي يجري فيها الإتلاف، ما استدعى انتشاراً واسعاً للقوى الأمنية، وإجراء اتصالات مكثفة، ليتبين أن المزارعين «لن يتراجعوا في مواجهتهم، ومستمرون في الذود عن لقمة عيش أبنائهم».

كل هذا والقوى الأمنية لم تبادر إلى إطلاق النار. لكن مع مواصلة عملية الإتلاف، هاجم مسلحون يستقلون سيارة من نوع جيب، القوة الأمنية من مسافة متوسطة، وأطلقوا النار من أسلحة حربية خفيفة باتجاههم، الأمر الذي استدعى عندها القوى الأمنية للردّ بعنف ومطاردة فوج المجوقل في الجيش اللبناني لتلك السيارة وتبادل إطلاق النار معها، من دون أن يسجل حصول إصابات أو توقيفات، بحسب ما أكد مسؤول أمني لـ«الأخبار».

وعلى الرغم من ذلك، لم يتوانَ مجهولون عن إطلاق النار باتجاه القوى الأمنية في أحد حقول الحشيشة، ما أدى إلى إصابة أحد عناصر الشرطة القضائية م. ن بطلق ناري في ظهره، وعنصر آخر في قوى الأمن الداخلي إصابة طفيفة، الأمر الذي دفع القوة الأمنية إلى إيقاف عملية الإتلاف يوم أمس، والعودة إلى فصيلة طليا ونقل الجرحى إلى مستشفيات المنطقة.

رئيس مكتب المخدرات المركزي العميد عادل مشموشي أكدّ أن عملية إتلاف الحشيشة في لبنان بأكمله «سوف تستمر»، وأن ثمة إصراراً من القوى الأمنية على استكمال عمليات إتلاف «آخر نبتة حشيشة في لبنان». وشدّد على أن العملية ستتواصل اليوم في الصباح الباكر، على أن تستمرّ قرابة شهر ونصف، داعياً البلديات والفاعليات في بعلبك إلى «التعاون للتخلص من زراعة هذه النبتة في لبنان».

مساحة حقول الحشيشة التي أتلفت أمس لم تتجاوز الخمسين دونماً، وذلك بالنظر إلى المواجهات المسلّحة التي حصلت، والحقول المغمورة بالمياه، بالإضافة إلى الانخفاض الواضح في عدد الجرارات الزراعية المشاركة في العملية بالمقارنة مع العام الماضي. فقد اقتصر الأمر على ما لا يزيد على ثلاثين جراراً زراعياً (العام الماضي 65 جراراً)، وجرافتين صغيرتين وغياب كلي للعمال الذين يسعون إلى انتزاع شتلة الحشيشة الباقية بعد إتلافها بالجرارات الزراعية.

الجدير ذكره، أنه أمام الإصرار الموجود لدى القوى الأمنية على عملية الإتلاف، لا ينفك مزارعو الحشيشة يؤكدون على «المواجهة». وقد برز هذا التأكيد في الاجتماع الذي حصل عشية انطلاق عملية الإتلاف في أحد المنازل في بلدة فلاوى، وجمع مزارعين أكدوا فيه «وجود عصابة تقتل الناس على الطرقات وتسافر إلى الخارج لإحضار أموال لإتلاف أرزاق الناس، وإزاء ذلك لن نسمح لتلك العصابة بذلك، لأننا لا نزرع الحشيشة هواية فيها بل من أجل لقمة عيش أبنائنا».

كما علمت «الأخبار» من أحد أصحاب الجرارات الزراعية الذين شاركوا في عملية تلف الحشيشة اليوم، أن مجهولين يحملون أسلحة أقدموا في بلدة مجدلون على إيقافه وعدد من أصحاب الجرارات الزراعية وكسروا جراراتهم، الأمر الذي لن يسمح لهم بالمشاركة في عملية التلف اليوم. ويذكر أن مزارعي الحشيشة اعتبروا في بيان لهم أصحاب الجرارات الزراعية المشاركين في التلف «أعداء لهم لأنهم متآمرون عليهم وعلى لقمة عيشهم».


Script executed in 0.19438791275024