أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مروان شربل عن «داتا» الاتصالات: فَضَحنا حالنا!

الإثنين 30 تموز , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,327 زائر

مروان شربل عن «داتا» الاتصالات: فَضَحنا حالنا!

انتهى الشهر الأمني «الفضيل». ظواهره «الشاذة» طغت بالتأكيد على انجازاته. لكن لوزير الداخلية مروان شربل رأي آخر. سيطلّ في مؤتمر صحافي يعقده في اليومين المقبلين لعرض «الغلّة» الامنية. برأيه، إن «جردة» الثلاثين يوماً ستظهر «فضائل» هذا الاستنفار الأمني، وإن المؤقت.

في مكتبه في مقرّ وزارة الداخلية والبلديات في الصنائع، يبدو مروان شربل مرتاحاً للنتائج: «لا اعرف ما هو المعيار الذي يتمّ اعتماده لتقييم نجاح الشهر الامني، لكن لولاه لما تمكنّا من الوصول الى العديد من الخيوط في أكثر من ملف هام، ولما استطعنا أن نلقي القبض على رؤوس كبيرة مطلوبة للعدالة وعلى متورطين بأعمال مخلّة بالقانون». 

اكتفى شربل بالمواكبة الإعلامية في اليوم الأول، وبعدها ترك للقوى الأمنية أن تتصرّف بعيداً عن عدسات الكاميرات. يقول وزير الداخلية الذي دخل، أمس، مجدداً على خط الأزمة الصيداوية، «قريباً سأعرض حصيلة الشهر الأمني بالأرقام والوقائع، ولديّ الكثير لأقوله، خصوصاً في ما يتعلق بسرقة المصارف. يا ليت كان باستطاعتنا أن نقوم بـ 12 شهراً أمنياً». 

كان سهلاً منذ الساعات الأولى لانطلاق الشهر الأمني، رصد تحركات شبه منظمة هدفت إلى استفزاز الأجهزة الأمنية وتحدّيها. كانت البداية من طريق مطار بيروت. ينزل وزير الداخلية الى الضاحية الجنوبية الحاملة «صيت» البقعة الخارجة عن الدولة، ليعلن حلول «ساعة الصفر»، متحدثاً بلغة حاسمة عن منع قطع الطرق. 

لم تمض ساعات قليلة على «تدشين» الشهر الأمني، حتى كانت زمرة من الشبان المطالبين بإطلاق سراح الموقوف وسام علاء الدين «يفرّخون» في زواريب بيروت ويتنقلون في دراجاتهم النارية بين الأحياء ويقطعون طريق المطار. جاء الرد حاسماً على لسان رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال انعقاد جلسة مجلس الوزراء في بعبدا بمنع قطع طريق المطار مهما كان الثمن.

يقول مروان شربل «حصل التوافق السياسي على طاولة مجلس الوزراء، وخلال خمس دقائق أعيد فتح طريق المطار، بعدما أكد جميع الحاضرين رفعهم الغطاء السياسي عن هؤلاء». المعادلة واضحة لدى الضابط السابق «الأمور ستبقى على ما هي عليه، وربما قد تتطور إلى الأسوأ، في طرابلس وصيدا وفي قضية المياومين إن لم يتوافر الغطاء السياسي للجيش والقوى الأمنية».

حيّد «الشريان السياحي» من شريط الاستفزازات، لكن حرق الدواليب وقطع الطرق وعمليات السطو المركّزة على المصارف والسرقة والنهب والخطف والنشل... انتعشت بشكل لافت للانتباه. بدا المشهد كقطعة «بازل» مكمّلة لخريطة الاضطرابات الأمنية من الحدود الشمالية والشرقية إلى صيدا جنوباً، مروراً بطرابلس وعكار وصولاً الى «قنبلة» المياومين في العاصمة بيروت. 

لكن قبل أن يعدّ «زعران الشوارع» عدّتهم لتحدي اصحاب البزات المرقطة وتقديم «عروضهم الوقحة» في محاولة مكشوفة لكسر القرار الأمني، كان رئيس الحكومة نفسه يشوّش على عمل الاجهزة، منتقداً سياسة «المواسم الامنية». في المقابل، هناك في محيط وزير الداخلية والمؤيدين لتجربة «الشهر الامني»، من يؤكد ان هزّ العصا تحوّل الى حاجة ملحة وسط ستاتيكو «الامن السياسي» الذي يحكم العديد من البقع الساخنة شمالاً وجنوباً وفي بيروت، وفي ظل النقص الحاصل في تكثيف دوريات القوى الامنية والحواجز على الطرقات. 

في المحصلة، مع «شهر أمني» او من دونه، مع «داتا اتصالات» او من دونها.. يبدو الأمن في لبنان كالقشّة التي تلامس حدّ النار. 

ولوزير الداخلية ملاحظة «في صلب الموضوع». فما يراه بعض القادة الأمنيين والسياسيين تسوية الممكن في قضية «داتا الاتصالات» بما يتيح حصول الأجهزة الأمنية عليها لملاحقة المجرمين من دون استباحة الخصوصيات، يقاربه شربل من زاوية مختلفة تماماً. 

يقول وزير الداخلية لـ«السفير»: «نعم، من شأن الحصول على «داتا الاتصالات» أن يؤدي الى كشف العديد من الجرائم، لكن ليس بعد الآن». يضيف «فضحنا حالنا. لقد حصل صراع سياسي كبير حول الـ«داتا» استمر أشهراً. اما الآن، فإن الآلية التي تمّ التوافق عليها لن يكون لها التأثير الايجابي لسبب بسيط، وهو ان المجرمين والخارجين عن القانون قد لجأوا الى وسائل أخرى للاتصالات بعيدة عن مجال التنصّت. وحده «الغبي» فقط سيلجأ اليوم الى وسيلة اتصال تمكّن من رصده عبر التنصت. فالمشاركون مثلاً في محاولة اغتيال النائب بطرس حرب، كانوا يتواصلون في ما بينهم وفق تقنية لا تلتقطها أجهزة التنصّت». 

تباعاً كانت شعبة العلاقات العامة في قوى الامن الداخلي، طوال الشهر الأمني تصدر بيانات بالارقام حول توقيف المطلوبين ومخالفات السيارات والشاحنات والدراجات ورخص الـ«فوميه» ورادار رصد مخالفات السير، مع العلم أن عدد الموقوفين في شهر واحد تجاوز الـ 1150 شخصاً. 

الارقام تبدو مشجّعة اذا ما قيست بأشهر القبضة الامنية الرخوة. لكن المسألة تبدو في مكان آخر تماماً. كبار القادة الأمنيين اليوم يتحدثون بلغة واحدة «لا توافق سياسياً بعد يتيح إخماد البراكين المتنقلة في المناطق». هؤلاء لا يرون الا في «العجنة السياسية» مدخلاً لاحتواء عواصف الداخل. ينطبق هذا الأمر بشكل اساسي على المناطق الحدودية في عكار وطرابلس وعلى ظاهرة الشيخ أحمد الاسير في صيدا وصولاً الى «لغم» المياومين في بيروت، والتحركات الشعبية الاحتجاجية في المناطق. 

لا أحد يحرق دولاباً الا وله مرجعيته وامتداده السياسي، يقول مرجع أمني. في جلسة مجلس الوزراء التي تزامنت مع اليوم الاول للشهر الامني، وضع رئيس الجمهورية الجميع امام الامر الواقع «اما الالتزام برفع الغطاء السياسي أو لا». 

بعد هذه «الانتفاضة الرئاسية»، انتصاراً للقيادات العسكرية والأمنية، لم يتجرأ احد على قطع طريق المطار مجدداً، بعد سلسلة طويلة من الاحتجاجات في البقعة نفسها اعتراضاً على انقطاع التيار الكهربائي وللمطالبة بعودة المخطوفين من سوريا.

في الكواليس، ثمة من استنتج بأن لكل حامل دولاب مفتاحه السياسي، وبأن «حزب الله» الذي يمارس سياسة ضبط نفس استثنائية عندما يلجم شارعه في مواجهة كلام احمد الاسير الذي يطال بشكل مباشر الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، وقد أثبتت التجربة أن الحزب هو الأقدر على ضبط «المشاغبين» في المناطق المتاخمة لمربعه الأمني. 

هو مجرد مثال للدلالة على ان المجموعات كافة، في كل المناطق، لها مرجعياتها وتتحرك بإشارة وتهمد بإشارة معاكسة، وليس صحيحاً أن بعضها «يفتح على حسابه». بالمنطق نفسه، يمكن الحديث عن «شوارع» خالد الضاهر ومعين المرعبي والمرجعيات الدينية السلفية... 

هي اذاً لعبة الشارع، والكل منغمس فيها، كما يقول مصدر أمني رفيع. بازار مفتوح على كل الاحتمالات، ولا قرار سياسياً حتى الآن بإقفال ابواب الفتنة نهائياً. هذا ما يضع الاجهزة الامنية بين فكي الكماشة. القرار لدى القيادة العسكرية واضح «لا انجرار للفتنة والحرب الأهلية. والكيّ آخر الخيارات». مسؤول أمني آخر يوجز الصورة قائلاً: «طالما هناك فريقان. واحد مع النظام السوري وآخر ضده، انتظروا المزيد من الزلازل اللبنانية المتنقلة».

 

Script executed in 0.19535779953003