تحت عنوان الطبيب اللبناني محمد حجازي يروي تجربته في كارثة إيطاليا، كتب وليد حسين في "المدن" بحيث: اختار الطبيب اللبناني الشاب محمد حجازي البقاء هناك ومد يد العون للبلد الذي أحبه كما يقول في حديث لـ"المدن". فقد تخرّج طبيباً في الطب العام، ويمارس المهنة منذ قرابة أربع سنوات ويعمل في مستشفى بولونييني دي سيراتي في بيرغامو، هذا فضلاً عن عمله كطبيب بديل في قسم الطبابة الأولية.
عندما بدأ الوباء بالتفشي في المدينة كان المرضى يتصلون بغرفة الطوارئ، فتأتي إليه سيارة الإسعاف ويُجرى له فحص كورونا، بمعزل عن الأعراض القوية أم الخفيفة التي يعانون منها. لكن تفشي الوباء أحدث صدمة لدى الجسم الطبي، الذي بدا عاجزاً أمامه، كما قال حجازي. فعاملو الهاتف في أقسام الطوارئ باتوا يطلبون من المرضى المكوث في المنزل. حتى أن سيارة الإسعاف لا تذهب إلا بعد ذهاب الطبيب ومعاينة المريض في المنزل، ويقرر نقل الحالة إلى المستشفى من عدمها.
في المستشفى حيث يعمل حجازي أوقفوا كل أقسام الجراحة وجميع العمليات المجدولة سابقاً، وابقوا على الحالات الطارئة منها، وتحولت كل الأقسام لعلاج مرضى كورونا. ففي وسط الأزمة كان ينقل يومياً أكثر من مئة حالة إلى المستشفى لتلقي العلاج. ورغم أن البروتوكول المعتمد قضى باعتبار جميع الحالات الطارئة كمصابة بكورونا، لجأت المستشفى إلى اعتماد بروتوكول الصورة الشعاعية لتشخيص المرضى، قبل الانتقال إلى إجراء فحص كورونا، بسبب النقص الحاد بالفحوص. فقد تفشى الوباء في المدينة بشكل رهيب، كما قال، موضحاً أن السبب ربما لأنها من المدن الغنية وتعج بالمولات التجارية الضخمة وكبرى السوبرماركت، حيث يكون آلاف المواطنين على تماس يومي. هذا فضلاً عن طبيعة العلاقات الاجتماعية والتقارب بين الإيطاليين، بعكس باقي الدول الأوروبية، حتى أن المواطن يبقى في منزل أهله حتى لما بعد عمر الأربعين عاماً، وفي حال تزوج يبقى على تواصل يومي مع عائلته.
الأوكسيجين والكمامات
مرت المستشفى حيث يعمل حجازي، إسوة ببقية المستشفيات، بظروف صعبة، ولم يعد الأطباء يكترثون لعدد الحالات المصابة. فكل يوم كانوا يعاينون عشرات الحالات. بل باتوا قلقين على عدد الحالات التي بحاجة للعلاج في المستشفى، بعدما عانوا من نقص حاد في الجسم الطبي. ما استدعى الطلب من مقاطعات الجنوب نقل الأطباء إلى بيرغامو. وأكثر الاختصاصات المطلوبة كان أطباء الإنعاش، إذ فتك المرض بهؤلاء كثيراً. حتى أن صديقاً له، من بين أطباء كثر أصيبوا بكورونا، استدعت حالته إلى الدخول إلى غرفة الإنعاش.
ومثل المستشفى مرت المدينة بمرحلة صعبة نفدت فيها عبوات الأوكسيجين من الصيدليات. لقد كان الوضع صعباً للغاية، كما قال. "لطالما طلبت لمرضى عاينتهم في بيوتهم عبوات الأوكسيجين من مدينة ميلانو. وكنت عندما أضع المريض على الأوكسيجين المنزلي أطلب من الذين يعتنون به الاقتصاد في استعمال هذه المادة الثمينة. فمثلا عندما يكون المريض بحاجة لأربعة ليترات أطلب من الأهل وضع ثلاثة ليترات".
وأضاف، أنه حتى الكمامات انقطعت من أسواق المدينة. وكان المواطنون عاجزين عن تأمينها، إلى أن وصل منذ نحو أسبوع ثلاثة ملايين كمامة من الصين، وزعت على السكان مجاناً. أما بدلات الوقاية فكانت غير متوفرة إلا في المستشفيات. وكان حجازي عندما يزور مريضاً في بيته يكتفي بوضع الكمامة والقفازات، إلى أن باتت البدلات الواقية بدورها متوفرة منذ نحو أسبوع، على حد قوله.
بدل الطبيب الميت
وشرح حجازي حالة السكان مؤكداً أن المرضى كانوا حائرين لا يعرفون أين يتجهون في ظل هذه الأزمة. فأطباء العائلة باتوا يعاينون المرضى عبر الهاتف. أما الصليب الأحمر فلا يتحرك لنقل أي مريض إلا بطلب من طبيب معاين، بينما في العادة عندما يتصل مريض بالطوارئ تتحرك سيارة الإسعاف مباشرة وتصل بسرعة فائقة إليه. لذا كان المواطنون يستعينون بأطباء الرعاية الصحية، والأطباء البدلاء. وكان لي دور كبير في تشخيص الكثير من الحالات، بعدما استلمت نحو 1600 مواطن بدل عن طبيب المحلة الذي مات بفيروس كورونا. وكنت، بعكس زملائي الإيطاليين، عندما أرى حاجة لمعاينة المتصل أذهب فوراً".
لقراءة المقال كاملاً: almodon.com/society/2020/4/8
المصدر:وليد حسين- المدن