لبنان: 96171010310+     ديربورن: 13137751171+ | 13136996923+
17,175 مشاهدة
A+ A-

محنةٌ بحجم مدينة تمر بها بنت جبيل اليوم، حالها كحال المناطق الحدودية التي تتصدى للإعتداءات الإسرائيلية بصلابة.
لكن المحنة لا بد أن ترمي بانعكاساتها على الحياة اليومية للأهالي، فبنت جبيل سجلت نزوح حوالي 1600عائلة بعد إمعان الإحتلال الإسرائيلي في استهداف البيوت الآمنة.هؤلاء توزعوا بين صور والنبطية وصيدا ومرجعيون وبيروت والضاحية والجبل.. فكيف تمر الأيام عليهم في أماكن نزوحهم المؤقت؟ وكيف يؤمن من شح أو انعدم دخله، قوته اليومي؟


طبيعي في مجتمعنا الجنوبي الشرقي أن عائلات كثيرة شرعت أبوابها للنازحين سواء للمبيت معهم في منازلهم، أو في شقق من أملاكهم الخاصة دون مقابل. وهؤلاء منهم عائلات وأقارب كأن يستقبل الإبن أمه أو قريبه، ومنهم من "أعار" بيته الإضافي دون معرفة شخصية.

وبعيدًا عن أجواء العائلات الميسورة أمورها والتي استطاعت إلى حدٍ ما تدبير شؤونها بعد تكفل الأقرباء.. ننقل المجهر إلى العائلات "العادية" متوسطة الدخل، وأصحاب "الحالة التعبانة" ماديًا.
كثيرة هي الشكاوى التي وردت موقع بنت جبيل من عائلات افترستها أنياب الاستغلال عبر الأسعار "المجنونة" لشقق أقل ما كان يقال عنها في الأيام العادية "خربة" بحسب تعبير أحدهم.. 500$ و 600$ وبعضها من الشقق المفروشة تخطى الألف دولار بدل إيجار للشهر الواحد، كذاك شكاوى انعدام الحال لتيسير ابسط الامور.

لكل عائلة حكايتها، فمنهم من راكم الديون لاستئجار بيت ومنهم من مكث مؤقتا في بيت وبعدما طال الحال طلب أصحاب البيوت بدل ايجار ومنهم من تعذر عليه تأمين مسكن مؤقت، ففضل البقاء في البيت على النزوح و"الشمشطة"، وكما عبر أحدهم "ببيتي أحسنلي.. رغم قلة الشغل بعرف دبر أمور اولادي". ومنهم من اضطر للجوء إلى سكن جماعي في المدارس، او في ابنية فارغة من الاثاث.لكن النخوة التي تعهدها بنت جبيل عند كل طارئ قربت المسافات بين أبناء المدينة، وتحرك العديد من الأبناء محملين أكتافهم ثقل مبادرات فردية، يسّرت أمور عائلات بأكملها، سواءً عبر تدبير بيوت للعائلات أو تقديم مبالغ بسيطة أو مواد عينية وفقًا لقدراتهم.
فأحد المغتربين وزع مبالغ مالية. وآخر أمن قوارير غاز لما يقارب ال ٢٠ عائلة في مكان تجمعهم. وأحد الأشخاص في المانيا أمن سكنًا لأكثر من ٧٠ عائلة بالتعاون مع رئيس البلدية.وعدد كبير من المغتربين وضع بيته أو شقته في لبنان بتصرف النازحين. وكذلك مكتب النائب أشرف بيضون بالتعاون مع المكتب الاقليمي لحركة امل الذي تحرك لتأمين منازل لاكثر من 300 عائلة بحسب ما صرح مكتبه لموقع بنت جبيل.


ويثني المربي نضال بزي لموقع بنت جبيل، وهو أحد المبادرين الذين ساهموا بتأمين عشرات المنازل لعائلات بنت جبيلية نازحة، على بعض أصحاب المحلات والسوبرماركت في العديد من المناطق حيث تعمدت بيع النازحين "بسعر الجملة"، دون أرباح، مساهمة منهم في احتضانهم والتخفيف عن كاهلهم.
وهذا ما أكده أحد النازحين في النبطية أيضًا حيث أشار إلى أن أحد الأفران أصر على أخذ نصف السعر عندما عرف أن زبونه نازح من بنت جبيل وقال له "نحن عاملين سعر خاص بس للنازحين من الحدود".
وفي سياق آخر يؤكد أ. نضال أن الأوضاع تزداد سوءا على الأهالي "المهجرين"، فهناك أرباب أسر تعطلت أشغالها وهناك عائلات سكنت بيوتًا غير مجهزة سوى بسقف وحيطان!
وفي سياق متصل، يلفت السيد علي واصف الحوراني، ابن بنت جبيل الذي سعى أيضًا لتأمين بيوت للنازحين في منطقة صور، إلى أن الناس بحاجة إلى مبالغ مالية لتدير شؤون عائلاتها. معللًا أن الناس تفاوتت احتياجاتها العينية وفقًا لوضعها. وكذلك ركز في حديثه لموقع بنت جبيل على أحقية الحالات المرضية المزمنة التي تحتاج رعاية خاصة.

وبالانتقال للحديث عن أصحاب المصالح والمؤسسات، فبعضهم استطاع نقل بضائعه واستئجر لذلك محلا في مكان نزوحه ضمن صور أو بيروت أو غيرها. لكن أصحاب المحلات، ذات المردود البسيط، إن صح التعبير، لا قدرة لهم على تحمل أعباء النزوح بمحلاتهم الصغيرة، فحال البعد بينهم وبين مصدر رزقهم.
لا يرأف البرد بحال نازح أو غير نازح حين ينخر بدنه. من هنا يشير أحدهم إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مصروف التدفئة وسخانات المياه. ويضيف أنه سواء مازوت أو غاز أو حطب أو مدفأة كهربائية بسيطة، فإن الموضوع يزيد فوق الأعباء عبئًا كبيرًا. ولجأ البعض إلى تركيب سخانات غاز في بيوت نزوحهم غير المفروشة أو غير المجهزة.
ومن التدفئة إلى مختلف الأساسيات المستعجلة التي يحتاجها النازحون، فهي ببساطة "مستلزمات بيت"! ولتقريب الصورة فقط يمكن تخيل السكن في شقة خالية. هنا تبدأ المعاناة في هيكلة منزل جديد مؤقت.. بين تأمين فرش وأوانٍ بسيطة ومستلزمات يومية وأدوات تنظيف، ولا نغفل عن فواتير الكهرباء أو المولدات والمياه وغيرها. وأشارت إحدى السيدات إلى أنها تلجأ إلى غسل الثياب في وعاء بسبب اختيارهم لمنزل غير مجهز وتقول "طبيعي، على قد بساطنا لحتى الله يفرجها".
ضمن إطار الحلول تتابع بلدية بنت جبيل خطوتها في جمع استمارات وزعتها لإحصاء النازحين من أبناء المدينة، حيث سيصار إلى تقديم مساعدات بحسب ما اخبروه للنازحين.
كذلك باشرت العديد من البلديات المستضيفة للنازحين منذ بداية النزوح إلى تسجيل قوائم بأسماء وعناوين النازحين ضمن إطار عملها البلدي ووفرت لهم بعض الحاجيات من فرش وحصص، ومنها ما هو بالتعاون مع جمعيات خاصة في اماكن معينة فقط.
لكن كل المبادرات اللطيفة لا تلغي أحقية العائلات من أصحاب الدخل المحدود أو المعدوم بلفتة على صعيد بنت جبيل وأهلها في الاغتراب الذين سبق لهم أن شكلوا نموذجا "تغار" منه المدن والقرى في الدعم عند المحن مثل ايام كورونا وغيرها...

ويشار إلى أنه كانت قد جمعت في الإغتراب مساعدات لأهالي المدينة منذ شهر رمضان الماضي في مبادرة قيمة لخدمتهم ولكن تأخرت المساعدات عن الوصول، بل لم تصل بعد. وبعض الذين يدورون في فلك الجمعية أكدوا لموقع بنت جبيل ان "العرقلة" من لبنان بسبب عدم اتمام المعاملة الرسمية وليس من الاجراءات القانونية التي يجب انجازها في الولايات المتحدة. واليوم في ظل الظروف الراهنة فان المبلغ الذي يتجاوز ال 150 الف دولار من شأنه أن يساعد النازحين من أبناء المدينة بشكل كبير في محنتهم هذه. والجدير ذكره أن موقع بنت جبيل كان قد طلب إجراء مقابلة مفصلة مع المعنيين للحصول على جواب حول مصير المساعدات الا انه حتى الساعة لم نحصل على إجابة لإجراء المقابلة دون معرفة السبب. و لهذا يشير النازح محمد جمعة ان "الاموال التي جمعت تحت اسمائنا قد لا نكون بحاجة اليها في ايام الرخاء".

وفيما يلي بعض الحاجيات الأساسية التي يتعذر تأمينها رغم الحاجة الملحة إليها: مدافىء غاز، مبالغ مالية، سيولة لشراء ثياب للشتاء (بعض الناس خرجت بدون ثياب إضافية) دفاتر وأقلام لمتابعة الدراسة "أون لاين"، قوارير غاز، مبالغ مالية للمواصلات للتنقل اليومي ولطلاب الجامعات، تلفزيونات (ان امكن)، سيولة لأدوية مزمنة وللمراجعات الطبية في حال المرض، مصروف للأطفال، العديد من النازحين طلبوا شراء سخانات مياه للمنزل ولو صغيرة الحجم، سجادات تدفئة في البرد خصوصاً ان اغلب المنازل بدون سجاد و العائلات تكتفي بشراء الحصر ان تمكنوا، أقساط مدرسية وجامعية، براد صغير، حاجيات نسائية، اواني مطبخ، أغطية "حرامات" إضافية (للتدفئة لم تكفي الاغطية السابقة في البرد القارس) كراسي لبعض المنازل، فراش اسفنج، حفاضات للاطفال وللمسنين، ادوية أنسولين، اسرة للكبار في السن، بدل نقل مياه للمنزل، حليب للأطفال، إشتراك كهرباء.. وغيرها.

أن تفارق بيتك، أن تفارق مدينتك، أن تترك حبال الشوق متصلة بين روحك وحي البركة وصف الهوا والمنشر والمسلخ والدورة... وتنزح في وطنك.. لأجله، هو جزء من مقومات التحمّل والصمود أيضًا.
وأن تتراصف الأكتاف لرفع العبء هو ما تعهده بنت جبيل من أهلها في لبنان والإغتراب.
فالمحنة مهما طالت سيُغِير عليها الحق، ويبعثر ملامح الإعتداءات الإسرائيلية، ليطوي الأهالي صفحة النزوح بالعودة.. لكن اليوم يمكن اعتبارها فرصة لحك معادن الناس، حتى يبين المتخاذل المستغل من المتفرج الصامت من الإنساني الأصيل.
داليا بوصي- بنت جبيل.أورغ


تغطية مباشرة آخر الأخبار

  • الأمم المتحدة: غوتيريش يطالب كل الأطراف بمن فيهم الجيش الإسرائيلي بالإحجام عن أعمال تعرض قوات حفظ السلام للخطر
  • إرتقاء الدكتور حسين حلاوي وعائلته جراء الغارة على بلدة ميفدون تتمة...
  • 5 شهداء بالغارة الإسرائيلية التي استهدفت منزلًا في بلدة ميفدون
  • الامين العام للهيئات الاقتصادية نقولا شماس للـ LBCI: لا خوف على الليرة اللبنانية من المضاربات وجرى العمل مع المدعي العام لضبط الاشخاص الذين كانوا يحاولون القيام بذلك