أعلنت منظمة الصحة العالمية، مطلع الشهر الجاري، فيروس جدري القرود كطارئة صحية «مثيرة للقلق» عقب تسبّبه بنسب عالية من الوفيات في القارة الأفريقية منذ مطلع العام، وانتقاله أخيراً إلى دول أوروبية.وكان الفيروس استعاد نشاطه قبل عامين في معظم دول العالم بعد أكثر من ثلاثين عاماً على غيابه، إلا أنّه لم يصل إلى حدّ التصنيف الذي أطلقته المنظّمة أخيراً، لأن السلالة التي انتشرت في العامين الماضيين، وهي «السلالة الثانية»، بحسب الدكتور عبد الرحمن البزري، الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية، أقل خطورة من «السلالة الأولى» التي تنتشر اليوم وتتسبّب بوفيات بنسبة عليا بحوالى 10% من مجمل أعداد المصابين.
وهذه السلالة أكثر عدوى، لذلك يتوسع انتشارها من القارة الأفريقية إلى أوروبا وأميركا.
حتى الآن، لم تُسجّل أي إصابة بالفيروس في لبنان، بحسب بيان وزارة الصحة أمس، غير أن الخطر بات وشيكاً، بحسب الدكتور جاك مخباط، اختصاصي الأمراض الجرثومية والمعدية، إذ لا يمكن ضبط الفيروس «لا بجمرك ولا بمعبر»، وبمجرّد دخول مصاب واحد، يبدأ «العدّ رسمياً». وفي هذا السياق، ستكون هذه الإصابة الأولى، ولا علاقة لها بالإصابات السابقة التي سُجلت في العامين الماضيين من السلالة السابقة، والتي بلغت 29 إصابة كان آخرَها إصابتان رصدتهما الوزارة في آذار الماضي، بحسب رئيسة برنامج الترصّد الوبائي في وزارة الصحة، الدكتورة ندى غصن. وطوال العامين الماضيين، خضع المصابون للعزل من دون حاجة إلى العلاج، لأنها «كانت إصابات طفيفة جداً»، يقول مخباط، و»لم نحتج إلى الدواء الذي استقدمناه للعلاج خلال عام 2022». أما هذه المرة، ففي حال دخول المرض، «من الممكن أن نحتاج إلى الأدوية لأن الطفرة الجديدة يمكن أن تؤدي إلى حالات خطرة قد تصل إلى الموت». وتتشابه العوارض بين السلالتين، وهي الحمى والصداع والطفح الجلدي وتضخم الغدد اللمفاوية، إلا أن ما يختلف بينهما هو درجة الحدّة التي تستدعي تدخّلاً طبّياً، أما في طرق الانتقال، فـ»تتميّز» هذه السلالة، بإمكانية انتقالها عن طريق الجهاز التنفسي من خلال الاحتكاك المباشر والطويل الأمد بين المصاب والمخالط. كذلك يمكن انتقال العدوى عبر الدم أو السوائل والاتصال الجسدي، ومن الحيوان المصاب إلى الإنسان وبالعكس. وتشدد توصيات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية على ضرورة أخذ من يعتنون بالمصاب أو مخالطيه احتياطاتهم، ولا سيما الالتزام بارتداء الكمامة والتعقيم. وتجدر الإشارة إلى أن العوارض لا تظهر سريعاً على ملتقط العدوى، إذ إن هناك فترة حضانة تراوح بين أسبوع وثلاثة أسابيع، ولا يكون خلالها ملتقط العدوى معدياً، إلا عندما تظهر العوارض عليه. أما بالنسبة إلى تأثيراته، فيشير مخباط إلى أن هذا الفيروس، كغيره من الفيروسات، شديد التأثير «على من يعانون من أمراض مزمنة وكبار السن وذوي المناعة الضعفية». ويضاف إليهم من لم يتلقّوا اللقاح المضاد له، وهي الفئة المحصورة بجيل الثمانينيات وما فوق، بحسب الاختصاصيين، انطلاقاً من «أن المرض استؤصل في عام 1977 وآخر جرعة من اللقاح سُجلت عام 1979».
14,594
مشاهدة