كتب محمد حسين بزي:
خديجة محمد حسن بزي (1931-2025)
من ربوع الطفولة بفرحها ولهوها إلى مرابع الشباب بطموحاته وآماله، وصولًا إلى عتبة الكهولة بمآلاتها ومسؤولياتها، في كلّ هذه المحطات؛ لم يغادرنا حنان ومحبّة ورعاية ودعاء العمّة الطاهرة الحاجة خديجة محمد حسن بزي (أم جهاد).. فقد كانت الأمّ الغالية والخيمة العالية لكلّ العائلة جيلًا بعد جيل.. كما كانت الكهف الآمن والعقل الراجح الذي نلجأ إليه؛ لأي مشورة في متواليات الحياة وتدافعها.
ولستُ هنا لأسجِّل ترجمة أو رثاء لعمّة أو لأمّ من جيل الأمهات العالي النبض والشهادة على السنين في الوجدان؛ بل لأشهد في دفتر العمر شهادة حقّ عن امرأة عاشت كلّ عمرها للفضيلة وللتربية والتعليم لأبنائها وأبناء أبنائها؛ وحتى لأرحامها.
في العام 1931 كانت ولدت الحاجة خديجة، وما أنْ بلغت الثانية عشرة من العمر حتى مات والدها الحاج محمد حسن الحاج إسماعيل بزي سنة 1943 في المالكية، فعاشت اليتم المبكر مع شقيقات خمس وشقيق وحيد، وأمّ رفضت كلّ عروض الزواج كي تربي بناتها وابنها بما يليق.
في العام 1947 تزوجت خديجة من ابن عمها حميد الحاج محمد علي بزي، وبدأت رحلة الحياة الجديدة، وعاشت مع زوجها في دار الجد الحاج إسماعيل بزي في حاكورة نص الضيعة، وانجبت فيه ستة من البنين واثنتين من البنات.
في العام 1969 وجراء العدوان الإسرائيلي على بنت جبيل؛ هاجر الأستاذ حميد مع أسرته إلى بلدة الغازية قضاء صيدا؛ حيث بقيت العائلة تعيش في صيدا حتى كتابة هذه السطور.. أي 56 عامًا.
وهكذا بدأت العائلة من ربوع صيدا فصلًا طويلًا من كتاب الحياة، وبدأت رحلة الكدّ الجميل والصبر المسؤول والجهاد الفعلي في تربية أسرة كبيرة في بيت مستأجر؛ لم يتعدَ الغرفتين في بادئ الأمر.
لكن الحاجة خديجة استطاعت مع زوجها الأستاذ حميد إعمار هذا البيت الصغير - وكلّ البيوت التي سكنوها لاحقًا- بالتربية المشرّفة والتعليم اللائق لبنين وبنات نالوا من الشهادات الجامعية أعلاها رتبة وأرفعها تميّزًا، حتى صارت هذه العائلة مضرب المثل والقدوة الخلّاقة في التربية والتعليم بالأبناء والأحفاد من بنت جبيل وصولًا إلى صيدا وما بينهما من أمكنة وأناس.
أيضًا، كان هذا البيت العامر بالثقافة والعلم واسطة العقد لاجتماع الأهل والأرحام والأصدقاء من بيروت وبنت جبيل؛ وحتى من المهجر، وكان مع أبي جهاد وأمّ جهاد بيتًا مفتوحًا على مدى نصف قرن ويزيد لكلّ من كانت صيدا وجهته؛ فكان لا بدّ من حطّ الرحال في هذا البيت الطيّب ولو لساعة من الزمن.
ولستُ أبالغ إنْ قلت، إنّ للحاجة أم جهاد بصمة خاصة في عالم المرأة الجنوبية الكادحة، وكانت ذِكرًا طيبًا راكمته من سيرة عطرة لأجيال وأجيال، ونحن إذْ نودعها اليوم، فإنّنا نودّع مدرسة عالية في التربية والأخلاق، مدرسة سنبقى طلابًا صغارًا في أروقتها مهما كبرنا.
إلى رحمة الله ورضوانه أيتها العمّة، وأيتها الأمّ، وحسبنا ذكرك العَطِر واسمك الذي ما برح يسبقكِ ويسبقنا.. حسبنا إرثًا وفخرًا.
تغطية مباشرة
-
خلاف عائلي "دموي" في الهرمل: مواطن اطلق النار على زوج شقيقته وابنها ما أدى الى مقتلهما على الفور. (الوكالة الوطنية) تتمة...
-
محكمة فرنسية تحكم بالسجن 4 سنوات على زعيمة أقصة اليمين مارين لوبان منها سنتان سجنًا نافذًا بوضع سوار الكتروني وتمنعها من الترشح لانتخابات الرئاسة لمدة 5 سنوات (سكاي نيوز)
-
وزير الاعلام بول مرقص: على "إسرائيل" أن تلتزم أيضًا بالقرارات الدولية، كيف يمكن أن ننظر فقط إلى موجبات هذا البلد ولا ننظر للطرف الآخر الذي يحتل ويعتدي ويتذرع بحجج سخيفة من أجل تبرير اعتـd|ء|ته
-
الخارجية الإيرانية: سلمنا سفارة سويسرا الراعية للمصالح الأمريكية رسالة تحذير بشأن أي هجوم قد تتعرض له إيران