هياكل عظمية تمشي بين الركام… والبيت الأبيض صامت

نشرت محطة  CNN  الأميركية تقريراً يصوّر مشاهد مروّعة من غزة: أطفال بهياكل عظمية، جثث جائعة، وأجهزة دولية عاجزة عن إيصال المساعدات، فيما تُترك قوافل الغذاء تنتظر الإذن الإسرائيلي عند المعابر. المأساة ليست مفاجِئة، بل متوقعة، بحسب منظمات الإغاثة التي حذّرت منذ شهور من هذه النتيجة في ظل سياسة “التجويع المنهجي” التي تتّبعها إسرائيل بذريعة محاربة حماس.

اللافت في التقرير ليس فقط وصف الكارثة، بل الإشارة إلى مدى انفصال المسؤولين الإسرائيليين عن الواقع: فبينما يموت الأطفال جوعاً، ينشغل نتنياهو بالحديث عن تفضيله وجبات “برغر كينغ” في أحد البرامج الأميركية… ما وصفه مراسل صحيفة هآرتس بأنه “وقت ثمين مهدور” وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة.

تقرير CNN يلمّح إلى أن الضغط الدولي لم يعد كافياً، حتى من الاتحاد الأوروبي أو وكالات الأمم المتحدة، لأن إسرائيل “ترمي تلك الإدانات في سلة المهملات”، كما علّق مفاوض إسرائيلي سابق. أما العامل الوحيد الذي يمكنه التأثير، وفق التجربة، فهو الضغط المباشر من واشنطن. إذ يكشف التقرير أن اتصالاً غاضباً من الرئيس الأميركي كان كفيلاً بتغيير القرار الإسرائيلي في أكثر من مناسبة، منها الهجوم على إيران، وقصف كنيسة في غزة.

ومع ذلك، فإن إدارة ترامب، رغم إعلانها رغبتها بوقف القتل، لم تُظهر بعد أي غضب فعلي أو تحرّك نوعي، لا لفرض هدنة، ولا لتأمين تدفّق المساعدات. وهنا مكمن التأثير السياسي لمثل هكذا تقارير : فهي  تضع البيت الأبيض في موقف حرج، إذ تُظهر الرئيس الأميركي كمتواطئ بالصمت، إن لم يكن شريكاً بالحصار، خاصة وأن منظمات الإغاثة تحذر من “معدلات مجاعة مرعبة” و”مستشفيات تتحدث عن جثث تمشي على قدمين”.

التقرير لا يكتفي بالتشخيص، بل يقدّم إدانة ضمنية للرعاية الأميركية لسياسات نتنياهو، في وقت بدأت الغالبية الإسرائيلية تميل لإنهاء الحرب. وبالتالي، قد يشكل التقرير أداة ضغط للرأي العام الأميركي والدولي على الإدارة الأميركية، التي تجد نفسها اليوم بين خيارين: إما التدخل لإنهاء الحصار… أو مواجهة تهمة التواطؤ في ما تصفه الأمم المتحدة بـ”عرض رعب إنساني”. 

وعرض التقرير صورا للأطفال  : 

-محمد أيوب، طفل عمره سنة ونصف، يعاني من سوء تغذية حاد.

-مصعب الدبس، فتى في الرابعة عشرة من عمره، يتآكله الجوع على سرير في مستشفى الشفاء.

-سيلا بربخ، رضيعة لم تكمل عامها الأول، تمسك بها أمها عاجزة، في مستشفى ناصر بخان يونس.

 الصور من وكالات عالمية: Getty Images وReuters تم التقاطها في 21 و22 و23 تموز 2025

---