لبنان: 96171010310+     ديربورن: 13137751171+ | 13136996923+
31,493 مشاهدة
A+ A-

كتبت هديل حسن في صحيفة الاخبار:

منذ أن حركت الدولة اللبنانية ملف "بلوكات" النفط البحرية عند الحدود مع فلسطين المحتلة، حفظ اللبنانيون النقطة B1. وعلقت في أذهانهم عبارة "المتحفظ عليها". لكن ذلك الموقع الجغرافي الواقع عند طرف تلة رأس الناقورة الحدودية، ليس الوحيد الذي يصر لبنان على أنه من ضمن حدوده استناداً إلى اتفاقية الهدنة في 1949 فقط، بل معه 12 نقطة أخرى على طول الحدود الجنوبية. النقاط الـ 13 مع مزارع شبعا المحتلة، لم تقفل الحساب اللبناني مع الاحتلال الإسرائيلي الذي عرقل ترسيم الحدود البرية إثر تحرير الجنوب عام 2000 خلال ترسيم ما عرف بـ"الخط الأزرق".


أهالي البلدات الحدودية لا يعترفون بالخط الأزرق. لهم خلفه آلاف الأمتار من الأراضي التي يحفظها أجدادهم ويملكون صكوك ملكية لبعضها. من رأس الناقورة إلى علما الشعب ويارين والبستان ومروحين ورميش ومارون الراس ويارون وبليدا وميس الجبل والعديسة وكفركلا والوزاني. بلاد محررة بفرحة ناقصة في عيد التحرير الواحد والعشرين.

أبرز النقاط التي تؤكد الدولة ملكيتها، بئر شعيب في بليدا الحدودية. الذاكرة الجماعية أيضاً تؤكد ملكيتها كما العلم اللبناني المثبت فوقه والذي تعيد بلدية بليدا رفعه بمناسبة عيد التحرير في 25 أيار من كل عام. زينب سلامة لا تزال عالقة في "أيام زمان". لدى السيدة الثمانينية بحر من الذكريات المرتبطة بجلسات الأهالي حول البئر ولتلبية حاجاتهم المختلفة. "كان البئر ملاذاً آمناً لأهالي بليدا ومحيبيب وميس الجبل وعيترون. يقصدونه لتعبئة مياه للشرب وينقلونها في جرار على رؤوسهم. وكانوا يستفيدون منه في ري مزروعاتهم. كما كان يشكل نقطة استراحة للمواشي خلال الرعي".


للبئر أهمية إضافية لدى أهل المنطقة. فهم يتبركون به لارتباطه بروايات دينية متوارثة. بحسب سلامة، تتناقل الأجيال بأنه "سمي على اسم النبي شعيب الذي كان يقيم بجواره مع بناته في مزرعة. وبه مر النبي موسى". ولتتمة المشهد الروحاني، ينسب الأهالي لشجرة معمرة بجانب البئر، صفة البركة. وقد تحولت إلى مزار يزوره البعض ويتباركون بأوراقها لشفائهم من الأمراض "بشفاعة النبي شعيب". في الشكل يبدو بئراً عادياً مشيداً من الحجارة. لكن له ثلاثة أبواب وأرضه قائمة على صخور تنبع من بينها المياه.


حرمت سلامة وأقرانها من البئر طوال سنوات الإحتلال. وعند التحرير، لم تكتمل فرحتهم باستعادة تنقلهم حول البئر بأريحية كما كانوا يفعلون. فقد علق ضمن المواقع الخلافية التي رفض العدو التخلي عنها بسبب مياهه الجوفية الغزيرة. ثبتت قوات "اليونيفيل" نقطة ثابتة فيما ثبّت الجيش للبناني نقطة أيضاً. في المقابل، رفع العدو موقعاً عسكرياً فوق البئر ولا يتوانى عن تهديد كل من يقترب من البئر، لا سيما بعد عدوان تموز 2006. تستعيد في هذا الإطار، اختطاف الأخوين طراف وحسن طراف في 2008 عندما قصدا حقل الزيتون الذي يملكانه. اجتاز جنود العدو الخط المنطقة المتحفظ عليها ودخلوا أمتاراً داخل المنطقة المحررة واعتقلاهم باستخدام الكلاب الشرسة التي نهشتهما وتعرضا لتعذيب شديد قبل الإفراج عنهما.


وسط حياد تام من قوات "اليونيفيل"، يتعرّض أهل بليدا بشكل دائم لتضييق حركتهم من قبل العدو الذي يهدد بالتعرض لهم من جهة ويبلغ "اليونيفيل" التي تسارع لتسجيل خرق على أصحاب الأرض! لذلك، تحول بئر شعيب إلى موقعة تحد مستمرة ضد العدو. "نتعمّد النزول إلى البئر للتنزه غير مبالين بالتهديدات والتهويل" تقول سلامة. تستذكر كيف كان الجنود يأمرون الأهالي بالمغادرة عبر مكبرات الصوت وإلا يطلقون النار. كما ثبتوا ألغاماً أرضية. أخيراً أطلق النار فوق رؤوس المتنزهين لإجبارهم على المغادرة.


التحدي الشعبي لاقاه تحد رسمي من قبل بلدية بليدا. حاولت ترميم البئر ثم تنظيفه قبل أن تنظم نزهات جماعية للأهالي خلال الشتاء و الربيع. إصرار البلدية على تنفيذ الأنشطة حول البئر "يشكل انتصاراً عظيماً لا سيما لكبار السن لما يمثله في الذاكرة الشعبية من عنوان للتشبث بالحق الموروث عن الآباء والأجداد"، بحسب رئيس البلدية حسان حجازي.

الإنجاز الأكبر للبلدية القرار القضائي الذي أصدره القاضي العقاري في النبطية أحمد مزهر باعتبار الأراضي حول البئر وخلفه لناحية فلسطين المحتلة، تابعة لبليدا ومساحتها أكثر من ألفي دونم.

حكم مزهر باسم الشعب اللبناني، حفّز حجازي على تنفيذ مشاريع إضافية لكسر المحاولات الإسرائيلية بالسيطرة على البئر. "تعبيد الطريق المؤدي إليه واستحداث ساحة بجواره وشق واستحداث طرق زراعية ساعدت على استصلاح الأراضي البور في محيطه وتمديد شبكتي كهرباء ومياه بالتعاون مع مجلس الجنوب. ما شجع البعض على بناء مزارع دواجن ومواشي".

المصدر: هديل حسن - الاخبار

 

 

 

 


تغطية مباشرة آخر الأخبار

  • الرئيس برّي لنتنياهو: هذه أمور "ما بتمشيش معنا" تتمة...
  • بالفيديو/ ملاحم بطولية تُسطرها المقاومة في شمع! تتمة...
  • بالفيديو/ غارة على المساكن الشعبية في صور تتمة...
  • مصدر قضائي فرنسي لـ سكاي نيوز: محكمة تأمر بالإفراج عن الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج عبد الله