كتبت جودي الأسمر في النهار:
في الصباحات الباكرة، يغادر خضر (30 سنة) منزله في إحدى حارات طربلس الشعبية، قاصداً باب رزقه الشاق والذي ألقى عليه فوق همومه المادية سوط مجتمع عالق في رواسب التقاليد والموروثات التي لم تكسرها حتّى قساوة الفقر والعوز. الزوج والأب لمصطفى (5 سنوات) وجود (4 سنوات)، حمل المكنسة والدلو وقصد بيوت أسرٍ ليتولى التنظيف والأعمال المنزلية لقاء بدل مادي يومي.
"أنا أزاول هذا العمل ولا أخجل منه، بالضبط لأنني رجل وعليّ أن أعيل عائلتي"، يشير خضر، معلّقاً على متنمرين من محيطه المحافظ، يعيّرونه بعمل "تقوم به النساء فقط"، وفق معاييرهم، لا معاييره "أليس السعي وراء عمل شريف أفضل من تناول الأرغيلة طوال اليوم في المقهى مثلما يفعل كثيرون، وينشغلون بالتهكم عليّ وانتقاد ما أقوم به؟ كونوا مسؤولين وأعيلوا عائلاتكم عوضاً عن هدر الوقت بأمور بلا فائدة."
كان خضر جليساً لرجل مسنّ، لازمه نحو 3 سنوات، يعتني مثلما يعتني ابن بأبيه. لكن الرجل فارق الحياة، وبقي خضر حينذاك 6 أشهر بدون مورد رزق. "إلى أن قررت أن أضع منشوراًعلى "فايسبوك" أعلن فيه استعدادي لتنظيف البيوت وأماكن العمل، فتواصل معي البعض، يطلبون مني خدمة التنظيف في البيوت والمكاتب".
ليست ظروف خضر شواذاً في لبنان، الذي انحدرت أوضاعه المعيشية إلى نسبة 82 بالمئة من اللبنانيين تحت عتبة الفقر، بحسب أرقام الإسكوا المنشورة مطلع هذا الأسبوع.
ومع الفقر تتضافر تداعيات نظام اجتماعي متهالك، لا يوفر للمواطن الفقير الحد الأدنى من الاستقرار أو الراعية الصحية "يتراكم عليّ أجار منزلي (500 ألف ليرة شهرياً). والدتي تعاني من الروماتيزم الذئبي، ووالدي كان بائع قهوة متجول لكنه توقف على العمل بسبب مشاكل في نظره، وعجزت عن إجراء عملية له لضيق ذات اليد. زوجتي تعاني مرضاً مزمناً يمنعها من مساعدتي خارج المنزل".
المجتمع جلد خضر ثلاث مرات؛ في الأولى وأساساً أنّه لم يتح له فرصة عمل وخدمات اجتماعية تليق بأي مواطن في "دولة"، الثانية حين تنمّر عليه عندما قرّر رجل أن يعمل مستخدماً في المنازل فصار مصيدة للتنميط والوصمات الاجتماعية، والثالثة حين حاول البعض استغلاله "بعد عملي لأربع ساعات في أحد المنازل، أعطتني السيدة مبلغ 30 ألف ليرة أجرة. سألتها: هل أستطيع شراء فطور لأولادي بهذا المبلغ؟".
منذ تلك الحادثة، قرّر خضر أن يضع تسعيرة يتفق بها مع الزبون قبل مزاولته العمل.
"أعمل بعرق الجبين وألبّي طلبات زبائن، وهم ليسوا بمحسنين. أنا لا أشحذ. أعمل بكرامتي حتّى لا يذلّني أحد أو يشفق عليّ بزكاة من هنا أو صدقة من هناك"، و"أعلم أنّ الله سيجزي الفقراء ومن يسعون للرزق الحلال وسط المهانة التي نقاسيها في وطننا. لكن الناس لا ترحم".
للقراءة من المصدر: النهار
تغطية مباشرة
-
محكمة أميركية تؤيد حكما بإدانة ترامب بالاعتداء الجنسي وتغريمه مبلغ 5 ملايين دولار
-
الدفاع المدني: انتشال جثمان شهيد من تحت الأنقاض في الحي الشرقي في الخيام تتمة...
-
اعلام عبري: الجيش الإسرائيلي: سمح بالإعلان عن مقتل "أورئيل بيرتس" من كتيبة نيتساح يهودا التابعة للواء كفير وإصابة 3 بجروح خطيرة في معارك شمال قطاع غزة
-
الإدعاء على موقوفين بجرم معاملة عناصر حرس السفارة السعودية في بيروت بالشدة! تتمة...