لبنان: 96171010310+     ديربورن: 13137751171+ | 13136996923+
9,331 مشاهدة
A+ A-

بنت جبيل.اورغ

يتسرّب إلى المشهد الإقليمي شعور ثقيل بأن الخليج يقف على عتبة عام قد يكون الأخطر منذ عقدين. التوقعات التي تتحدث عن احتمال صدام مباشر بين السعودية وإيران في 2026 لم تعد مجرد همسات على هوامش التحليل، بل تحولت إلى مادة تتكرر في تقارير مراكز بحث غربية، وفي تقييمات استخباراتية تتعامل مع المنطقة كصندوق بارود لا يحتاج سوى شرارة واحدة. خلف الأبواب المغلقة، يجري تداول سؤال واحد: هل يمضي الطرفان نحو مواجهة مفتوحة، ام يبقى التصعيد محصورا في مستويات يمكن احتواؤها.

العلامات المقلقة كثيرة. السعودية تواجه شبكة معقدة من الأخطار الآتية من حلفاء إيران في اليمن والعراق. الهجمات الحوثية على الملاحة في البحر الاحمر قلبت موازين التجارة العالمية، وهو ما وثقته تقارير البحرية الامريكية والبريطانية التي سجلت الاستخدام المتزايد لصواريخ دقيقة وطائرات مسيرة تستهدف السفن التجارية. خطوط الملاحة التي كانت تُعد من أكثر الممرات أمنا تحولت إلى مسرح اختبار لقدرات إيران غير المباشرة، بينما تقف اقتصادات تعتمد على قناة السويس مثل مصر تحت ضغط تصاعدي مع كل هجوم جديد.

في المقابل، تبني إيران استراتيجيتها على فكرة توسيع مساحة النفوذ دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة، لكنها تستثمر في أدوات تضرب في العمق دون أن ترفع علمها. هذه الأدوات منحتها قدرة على الضغط من دون تحمل كلفة الحرب نفسها، وهو ما جعل بعض مراكز الابحاث مثل المجلس الاطلسي يشير الى ان قدرة الردع الايراني اصبحت معقدة ومتشعبة. الولايات المتحدة، التي ظلت لعقود الحارس الأكبر للخليج، تراقب المشهد بحسابات مختلفة عن الماضي. هي لا تريد حربا جديدة، لكنها ايضا لا تريد ان تستبدل السعودية استقرارها بوهم التطمينات. لهذا بدا الموقف الامريكي اكثر غموضا، وكأنه يحاول ان يدفع الأطراف إلى حافة التوتر من دون السماح بالسقوط في الهاوية.

الفكرة التي تتردد في بعض التحليلات الغربية تقول إن واشنطن قد تترك مستوى محددا من الاشتباك ليأخذ مداه، قبل ان تتدخل عند لحظة تهديد المصالح الكبرى. ليست سياسة جديدة بالكامل، لكنها ايضا ليست قاعدة ثابتة. المنطقة تغيرت، وحسابات القوى الكبرى تغيرت معها. الصين دخلت على خط الوساطة بين الرياض وطهران، لكن قدرة بكين على ضبط التوترات ما زالت محل اختبار. وما حدث بعد اتفاق مارس 2023 بين السعودية وإيران يؤكد أن تسوية العلاقات على الورق لا تكفي لكسر جذور الصراع المتجذرة.

كل هذا يجعل من 2026 عاما مفتوحا على احتمالات لا يمكن الاستخفاف بها. الصدام إن وقع، لن يبقى بين دولتين. الخليج كله سيدفع الثمن، وأسواق الطاقة ستتلقف الضربة الاولى، وسيتردد صدى ذلك في أوروبا وآسيا وافريقيا. أي اضطراب في مضيق هرمز أو البحر الاحمر كفيل بإعادة تشكيل أسعار النفط والغاز، وهو ما أشار اليه تقرير وكالة الطاقة الدولية التي عادة ما تربط استقرار السوق مباشرة باستقرار الخليج. أما مصر، التي تعتمد على مرور السفن عبر قناة السويس، فستكون من أوائل المتأثرين، لأن كل أزمة في البحر الاحمر تعني خسائر فورية في الإيرادات.

مع ذلك، يبقى الطريق نحو الحرب ليس قدرا بل نتيجة. السعوديون يدركون أن انخراطهم في مواجهة مباشرة قد يهدد مشروع التحول الاقتصادي الذي يبنونه بدقة في السنوات الاخيرة. وإيران، رغم خطابها العالي، ليست في وضع يسمح لها بخوض حرب شاملة يمكن أن تضرب الداخل وتفتح الباب أمام ضغوط دولية ساحقة. لهذا تبدو المنطقة اليوم وكأنها تمشي فوق طبقة زجاجية رقيقة. كل خطوة محسوبة، وكل خطأ في الحساب قد يكون كافيا لكسر التوازن الهش.

المشهد كما يظهر الآن، ليس مشهدا لحرب مؤكدة، ولا لمصالحة مستقرة. هو مشهد منطقة تقترب ببطء من لحظة اختبار خصوصاً مع تضييق السعودية على حلفاء ايران في العراق ولبنان. لحظة قد تكشف ما اذا كانت سنوات التهدئة كانت استراحة قصيرة، ام مقدمة لمرحلة اكثر صعوبة. وحتى ذلك الحين، سيبقى الخليج معلقا بين القلق والترقب، بينما تتجه الأنظار نحو 2026 كعام يمكن ان يفتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة، صفحة لا أحد يستطيع ان يتنبأ بلونها، لكن الجميع يشعر بثقلها وهي تقترب.


تغطية مباشرة آخر الأخبار

  • 2026 عام التصعيد الكبير؟ حرب سعودية إيرانية قد تكون مشروع واشنطن لإعادة السيطرة على قلب المنطقة تتمة...
  • اليابان تسجّل موجات تسونامي يصل ارتفاعها إلى 40 سنتيمترا بعد زلزال بلغت قوته 7,5 درجات تتمة...
  • لبنان يُصدر طابعًا بريديًا خاصًا بالفنان زياد الرحباني تتمة...
  • بالفيديو/ وزير الزراعة يزور بنت جبيل وهذا ما صرح به عن إعادة القطاع الزراعي في المنطقة الحدودية إلى طبيعته تتمة...